قال بعضُ العلماءِ: {فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} الظاهرُ أنه واحدُ الأمورِ، ولاَ شَكَّ أن في هذه الآيةِ تَهْدِيدًا وتخويفًا لِمَنْ دَامَ على إيثارِه هذه الأشياءَ على الله وعلى رسولِه صلى الله عليه وسلم {حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ} جلَّ وعلا {لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}.

مِثْلُ هذه الآياتِ فيه سؤالٌ معروفٌ للعلماءِ، كقولِه: {وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} {لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} فَاللَّهُ (جلَّ وعلا) نَفَى هدايتَه للفاسقين، وَنَفَى هدايتَه للظالمين، مع أَنَّا نُشَاهِدُ بعضَ الفاسقينَ الظالمينَ يَهْدِيهِ اللَّهُ، وَكَمْ مِنْ كافرٍ شديدٍ في الكفرِ، ظالمٍ فاسقٍ يهديه اللَّهُ. هذا وجهُ الإشكالِ.

وأجابَ العلماءُ عن هذا بِجَوَابَيْنِ:

أحدُهما: أن قولَه: {لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}، {لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} من العامِّ المخصوصِ، وأن المرادَ بها الذين سَبَقَ في علمِ اللَّهِ أنهم لا يهتدونَ من الفسَقَةِ وَالظَّلَمَةِ الذين قال اللَّهُ فيهم: {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ (96) وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ} الآيةَ [يونس: الآيتان 96، 97].

وقال بعضُ العلماءِ: لا يهديهم ما زالوا مُتَّصِفِينَ بالظلمِ والفسقِ، فإذا نَزَعُوا عن ذلك برحمةِ اللَّهِ وهدايتِه زَالَ عنهم اسمُ الفسقِ والظلمِ، فلا مانعَ إذًا من هُدَاهُمْ. هكذا قَالَهُ بعضُ العلماءِ وَاللَّهُ تعالى أعلمُ. وهذا معنَى قولِه: {لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: آية 24].

{لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ (25) ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015