كمخالفةِ ذاتِ اللَّهِ لذواتِ خَلْقِهِ، فصفاتُ الخلقِ حَقٌّ، وصفاتُ اللَّهِ حَقٌّ، إلا أن صفاتِ اللَّهِ لائقةٌ بذاتِ اللَّهِ، منافيةٌ لصفاتِ المخلوقينَ كمنافاةِ [ذاتِ الخالقِ لذواتِ] (?) الْخَلْقِ، والإضافاتُ تتغيرُ بها المخلوقاتُ فكيفَ بِمَا بَيْنَ الخالقِ والمخلوقِ؟ فمثلاً - وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى - كلمةُ (رَأْس) أعنِي: كلمةَ (الراءِ والهمزةِ والسينِ) (رأس) هذه الكلمةُ إذا أَضَفْتَهَا إلى الإنسانِ وقلتَ: رأسُ الإنسانِ. وأضفتَها إلى الوادِي فقلتَ: رأسُ الوادِي. وأضفتَها إلى المالِ فقلتَ: رأسُ المالِ. وأضفتَها إلى الجبلِ فقلتَ: رأسُ الجبلِ، أَلَيْسَتْ هذه الإضافاتُ مختلفةً في حقائقِها، متباينةً كُلَّ التباينِ؟ مع أنها مخلوقاتٌ حقيرةٌ ضعيفةٌ تَبَايَنَتْ وَتَخَالَفَتْ لاختلافِ إضافاتِها، فما بَالُكَ بالاختلافِ الواقعِ بينَ الخالقِ والمخلوقِ؟ لا مشابهةَ هناك ولا مناسبةَ بَيْنَ خالقٍ ومخلوقٍ. فَعَلَيْنَا أن نمشيَ على هذا النمطِ، وإذا سَمِعْنَا اللَّهَ يُثْنِي على نفسِه بصفةٍ أن نعتقدَ أنها صفةٌ بالغةٌ من غاياتِ التنزيهِ والكمالِ والإجلالِ ما يقطعُ علائقَ أوهامِ المشابهةِ بينَها وبينَ صفاتِ المخلوقينَ، ونؤمنَ بها على خصوصِ هذا الأساسِ من التنزيهِ، ولاَ نؤمنَ بها إيمانًا وَسِخًا قَذِرًا ذَاهِبًا إلى المشابهةِ بصفاتِ الْخَلْقِ، لاَ ..
لاَ، ثم نقطعُ الطمعَ عن إدراكِ الكيفياتِ والإحاطةِ العلميةِ؛ لأن اللَّهَ نَفَاهَا نفيًا بَاتًّا في قولِه: {وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} [طه: آية 110] فإننا إذًا نكونُ مُنَزِّهِينَ رَبَّنَا، مُصَدِّقِينَ لِرَبِّنَا، وَاقِفِينَ عندَ حَدِّنَا، وتنزيهُ اللَّهِ طريقٌ مأمونةٌ، وتصديقُ اللَّهِ ورسولِه طريقٌ مأمونةٌ، والوقوفُ عندَ الحدِّ طريقٌ مأمونةٌ. وسنبسط على هذا الكلامِ - إن شاء الله - في بعضِ المناسباتِ الآتيةِ. وهذا