والمالِ، ولا شيءَ له يومَ القيامةِ، كما دَلَّتْ على هذا آياتٌ من كتابِ اللَّهِ، كقولِه: {نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ}، {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ} [الشورى: آية 20]. وَثَبَتَ معناه في صحيحِ مسلمٍ من حديثِ أنسٍ رضي الله عنه (?). وهذا معنى قولِه: {أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ} [التوبة: آية 17] النار- والعياذُ بالله - هي نارُ الْخِزْيِ التي أَعَدَّ اللَّهُ لأعدائه يومَ القيامةِ.

والألفُ التي بين النونِ والراءِ منقلبةٌ عن واوٍ، فأصلُها من مادةِ الأجوفِ واوي العين، أصلها (نَوِرْ) ولذا يقولون في النظرِ من بعيدٍ إلى النارِ: تَنَوَّرْتُهَا. فلو كانت يائيةَ العينِ لقالوا: تَنَيَّرْتُهَا. قالوا واشتقاقُها من: نَارَتِ الظبيةُ. إذا ارتفعت جافلةً؛ لأن طبيعةَ النارِ الارتفاعُ. (?)

{وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} خلودُ الكفارِ في النارِ خلودٌ أبديٌّ سرمديٌّ لا انقطاعَ له، كما قال تعالى: {كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا} [الإسراء: آية 97]، {فَذُوقُوا فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذَابًا (30)} [النبأ: آية 30]، {لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنْظَرُونَ} [البقرة: آية 162].

ومعروفٌ في هذا إيرادٌ يُورِدُهُ الكفرةُ الملاحدةُ وأذنابُهم وَمَنْ تَعَلَّقَ بهم يقولونَ: إن الله (جلَّ وعلا) في غايةِ الحكمةِ والعدالةِ، وهو العدلُ الحكيمُ (جلَّ وعلا) والكافرُ إنما عَصَى في الدنيا أيامًا معدودةً، قالوا: فكيفَ يكونُ العملُ في أيامٍ معدودةٍ محدودةٍ والجزاءُ دائمٌ لاَ ينقطعُ أبدًا؟ وأين الحكمةُ والإنصافُ في هذا؟ قَبَّحَ اللَّهُ مَنْ يقولُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015