الخروج؛ لأن عمه أبا طالب ما دام حيّاً كان يكفّهُمْ عنه، ويرْدَعُهم عنه، ولا يقدرون أن يبلغوا منه المبلغ الذي بلغوا بعد أن مات، وكان يقول له (?):
واللهِ لنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ بجَمْعِهِم ... حَتَّى أُوسَّدَ فِي التُّرَابِ دَفينَا ...
اصْدَعْ بِأَمْرِكَ مَا عَلَيْكَ غَضَاضَة ... ...............................
فلما توفي أبو طالب ضيّقوا عليه حتى خرج (صلوات الله وسلامه عليه) ودخل هو وصاحبه الصديق في الغار كما ستأتي قصة ذلك مُفَصَّلة في هذه السورة الكريمة -سورة براءة- حيث نصّ الله عليه فيها. وقد قال جل وعلا: {وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ} [محمد: آية 13] فصرَّح بأنهم أخْرَجُوه. وقال (جلّ وعلا): {يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ} [الممتحنة: آية 1] وقال: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ} [الحج: آية 40] وقال تعالى: {وَإِن كَادُواْ لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأَرْضِ لِيُخْرِجوكَ مِنْهَا} [الإسراء: آية 76] إلى غير ذلك من الآيات.
والرسول هو سيدنا محمد (صلوات الله وسلامه عليه). وأصل الرسول (فَعُول) بمعنى (مُفْعَل) رَسُول بمعنى مُرْسَل. وأصل الرسول مصدر، إتيان المصادر على وزن (الفعول) مسموع بقلة، كرسول بمعنى الرسالة، وقبول، وولوع، في أوزان قليلة (?). والتحقيق أن أصل الرسول مصدر، ومن إطلاقه مصدراً قول الشاعر (?):