فلا يمين له، يعني: لا يَفِي بِهَا ولا يبرّها ولا يوفي بعهد، وهذا المعنى مشهور في كلام العرب، ومنه قول الحماسي (?):
وَإِنْ حَلَفَت لاَ يَنْقُضُ البَيْنُ عَهْدَهَا ... فَلَيْسَ لِمَخْضُوبِ البَنَانِ يَمِينُ
يعني ليس للنساء أيْمَان؛ لأنهن ينقضنها غالباً. هذا مراده.
وقد تمسك الإمام أبو حنيفة -رحمه الله- بظاهر هذه الآية فقال: لا تُقبل يمين من كافر، ويمين الكافر كَلاَ شَيْء، فلا يمين له؛ لأن الله يقول: {إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ} (?).
وعلى قراءة ابن عامر: {إنهُمْ لاَ إِيمَان لهُمْ لعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ} ففي معنى الآية الكريمة وجهان واضحان معروفان من التفسير:
أحدهُمَا: أن المراد بالإيمانِ المنفِيِّ عنهم هو الإيمان الذي هو دين الإسلام، يعني: لا إسلام لهم ولا دين.
القول الثاني: -وهو أظهرهما- أنه مصدر: (آمَنَه يؤمِنُه إيماناً) إذا أمَّنه وجعله في مأمن. فالعرب تقول: آمنت فلاناً أومنه، معناه: أمّنته وجعلت له الأمان، وهو معنى مشهور في كلام العرب؛ منه قول الشاعر (?):
أَيَّانَ نُؤْمِنْكَ تُؤْمَنْ غَيْرَنَا وَإِذَا ... لَمْ تُدْرِكِ الأَمْنَ منَّا لم تَزَلْ حَذِرَا
وهذا أظهر القَوْلَيْنِ؛ لأَنَّ نفي الإيمان عن أئمة الكُفْر معروف واضح. وهذا معنى قوله: {إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ}.