بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ (14) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (15) أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُواْ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ اللَّهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (16)} [التوبة: الآيات 12 - 16].
[هذه] (?) الآياتُ من سورة براءة يكاد المفسِّرون من الصحابة فمن بعدهم يُجمعون على أنها نازلة في نقض أهل مكة للعهد الذين عقدوه مع النبي صلى الله عليه وسلم بالحديبية (?)، وذلك يدل على أن بعض هذه الآيات من سورة براءة نزلت قبل التاريخ الذي كنا نقول؛ لأن هذا نازل قبل عام تسع على القول بأنها في أهل مكة، وعامة المفسرين يقولون: إنها فيهم، ولا نعلم أحداً ممن اشتهر عنهم أخذ العلم يقول في غيرهم إلا القول المروي عن حذيفة بن اليمان (رضي الله عنه) أن هذه في قوم لم يقاتَلوا بعدُ وقت نزولها (?). وعلى هذا القول فلا تُحفظ تفاصيل لهذا النكث والنقض، بل الظاهر والسياق يقتضي أنها في أهل مكة؛ لأن قوله: {وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ} [التوبة: آية 13] الذين هموا بإخراجه هم أهل مكة، وعلى هذا عامة المفسرين.
ومعنى الآية الكريمة: {وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ} [التوبة: آية 12] النكث في لغة العرب: هو تفكيك طاقات الشيء المفتول، فالحبل المفتول -مثلاً- إذا فككتَ طاقاته، وجعلت كل واحدة منها على حدة فقد نكثته، وقد نقضته، كما في قوله: {كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً}