لم يتوبوا من الشرك، أو لم يقيموا الصلاة، أو لم يؤتوا الزَّكَاة لا يكونون إخواننا في الدين. وهذا معنى قوله: {فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ}.
ثم قال تعالى: {وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ} آيات هذا القرآن العظيم، نفصِّلُهَا معْنَاه: نُبَيِّنُهَا ونوضِّحُهَا، ولا نترك بها إجْمَالاً.
{لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} إنما خَصّ القَوْم الذين يعلمون؛ لأنهم هم المنتفعون بِهَا؛ لأن من لم يرزقهم اللهُ عِلْماً لا ينتفعون بها. وجرت العادة في القرآن أنه يخص بالشيء العام المنتفعين به دون غيرهم، كقَوْلِهِ: {إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا (45)} [النازعات: آية 45] لأنه المنتفع بالإنذار، وإن كان منذراً للأَسْوَدِ والأحْمَرِ {إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ} [يس: آية 11] لأنه المنتفع مع أنه منذر للأسود والأحمر {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ} [ق: آية 45] لأنه هو المنتفع، وإن كان يُذكِّر جميع الخلق بالقرآن (?). إلى غير ذلك من الآيات الدالة على هذا المعنى. ونرجو الله (جل وعلا) أن نكون ممَّنْ يَفْهَم عن الله تفصيله لآياته؛ لأن هذا القرآن العظيم فَصَّلَ اللهُ فِيهِ كلَّ شَيْء، وأوْضَحَ فِيهِ كُلَّ شَيْءٍ {وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً ... } الآية [الأعراف: آية 52].
{وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ (12) أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْماً نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ (13) قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ