عين زيد. تعني: أنه عَوَّروا عَيْنَهُ الباصرة، وغَوَّروا عينه الجارية، وسَرقوا عينه التي هي ذهبه وفِضَّتُه فتحمله على الجميع إذا قَصَدْتَ ذَلِكَ، وكان في كلامه ما يَدُلُّ عَلَيْهِ، وهذا معنى قوله: {لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً}.
{يَرْقُبُواْ} معناه: يَحْفَظُوا ويُرَاقِبُوا ويُرَاعُوا. والذمَّةُ: مَعْنَاهُ العَهْدُ، وكل ما تجب المحافظة عليه ويؤاخذ بِنَكْثِهِ تسميه العرب (ذِمَّة). وهو هنا: العَهْدُ، وهذا معنى قوله: {لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً} {يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ} يعني: يبذلون لكم الكلام الطيب الحلو باللسان دون ما في القلوب؛ لأن ما في قلوبهم من البغض وإضمار العداوة والشحناء لا يساعد وما تجري به ألسنتهم، فالألسنة تقول شيئاً وما تنطوي عليه الصدور شيءٌ آخر. وهذا معنى قوله: {يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ} أي: تُوَافِقُ مَا يَنْطِقُونَ بِهِ بِأَفْوَاهِهِمْ لما هي منطوية عليه من الكفر والبغض وشدة العَدَاوَةِ لَكُمْ. وهذا معنى قوله: {وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ} والقلوب هنا جمع قَلْب. وهذه الآيات وأمثالها تدلُّ على أن الذي يدرك ويقع فيه الإباء والانْقِيَاد وجميع أنواع الإدْرَاك كلّه القلب (?). وذلك أمرٌ لا شك فيه؛ لأن الذي خلق العقل ومنَّ بالعَقْلِ أعْلَم حيث وَضَعَ العَقْل، فالله (جلّ وعلا) في آيات كتابه يبين دائماً أنه جعله في القلب كقوله: {لهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا} [الأعراف: آية 179] وقوله: {فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج: آية 46] ولم يقل الله يوماً ما: ولكن تعمى الأدمغة التي في