قوله: {كَيْفَ} يكون لهم عهدٌ عند الله وعند رسوله والحال أنهم وغِرَةٌ صدورهم، حرب أضداد {وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً} ونظير هذا من كلام العرب في حذف الفعل بعد كيف إذا دَلَّ المَقَام عليه قول الشاعر (?):

وَخَبَّرْتُمَاني أنَّمَا الموْتُ بالقُرَى ... فَكَيْفَ وهَاتَا هَضْبَةٌ وقَلِيبُ

ويُروى: «فكيف وهاتا هضبة وكثيب»، هذا قاله بدويّ أعرابي قال له قوم: إن القرى والمدن والحضر فيها الوباء، يموت الناس فيها غالباً. والصحة أجود في الصحاري؛ لأن أهلها أقلّ موتاً!! فخرج إلى الصحراء، فلما خرج إلى الصحراء فإذا قَبْرٌ في الصحراء بجنب كثيب وهضبة فقال:

وَخَبَّرْتُمَاني أنَّمَا الموتُ بالقُرى ... فكيفَ وهَاتَا هَضْبَةٌ وقَلِيبُ

أي: فكيف مات هذا وهو في البادية وليس في القرى؟ وهذا معنى قوله: {كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ} {يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ} معناه: يغلبوكم وينتصروا عليكم، تقول العرب: ظهروا عليهم: إذا غلبوهم وانتصروا عليهم. ومنه قوله تعالى: {فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ} [الصف: آية 14] أي غالبين منتصرين؛ لأن أصل (ظَهَره): علاه فطلع على ظهره، والغالب كأنه يعلو المغلوب حتى يقف على ظهره، ومنه قوله: {فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ} أي: يعلوا ظهره (?) {وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً} [الكهف: آية 97]. كيف يكون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015