أن مضت في زمن المأمون والمعتصم والواثق. وكان بعض المؤرخين يقولون: إنها في أخريات أيام الواثق أنها بردت وانكسرت شوكتها وضعف شرها وقد قدمنا في هذه الدروس السابقة (?) أن ذلك على يد ذلك الشيخ الشامي، صاحب القصة المشهورة، وأنه شيخ جيء به من الشام أيام الواثق بالله، جيء به مكبلاً بالحديد ليمتحن ويقتل في محنة القول بخلق القرآن، وجيء به، وجلس الواثق يوماً -والرواية رواها الخطيب البغدادي عن ابن الواثق محمد من طرق أسانيدها فيها ما يُنكر، ولكنها قصةٌ معناها صحيح، تَلَقَّاهَا العُلَمَاء بالقبول- وذلك أنّ الواثق لما أراد قتل ذلك الشيخ الشامي (رحمه الله) كان إذا أراد قتل أحد أحضر ولده محمداً -وهو الذي روى الخطيب هذه القصة من طريقه- فجيء بالرجل مُقَيَّداً بالحديد، فقال للواثق: السلام عليك يا أمير المؤمنين!! قال: لا سلَّمك الله. فقال الشيخ: بئس ما أدَّبك مؤدبك يا أمير المؤمنين!! الله يقول: {وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: آية 86] واللهِ ما حَيَّيت بأحسن منها ولا رَددتها.

فقال الواثق: ائذنوا لأبي عبد الله -يعني الخبيث أحمد بن أبي دؤاد، عامله الله بما هو أهله؛ لأنه سبب هذه البلايا والمحن- وأحضره، فقال له ابن أبي دؤاد: الرجل متكلم!! فقال الواثق لابن أبي دؤاد: ناظر هذا الرجل. فقال الشيخ الشامي: ابن أبي دؤاد أحقر من أن يناظرني -كما جاء في بعض روايات قصته- فقال له ابن أبي دؤاد: ما تقول في القرآن؟ فقال الشيخ: يا ابن أبي دؤاد: ما أنصفتني. يعني: أنَّ الذي يراد أن يُقَدَّمَ للقتل أحق بأن يكون هو السَّائِل. فقال له: سلْ. فقال: ما تقول يا ابن أبِي دُؤاد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015