الأَشْهُرُ الْحُرُمُ} [التوبة: آية 5] أنها أشهر الإمهال هذه الأربعة، لا الأشهر الحُرُم الأربعة.
وقال بعض العلماء: هي الأشهر الحرم الأربعة، وعلى ذلك لم يبقَ من عهده إلا خمسون يوماً، عشرون من ذي الحجة، والشهر الذي بعده الذي هو المحرم، فتنقضي عهودهم على خمسين يوماً على هذا القول.
فقوله: {بَرَاءةٌ مِّنَ اللَّهِ} هذه البراءة كائنة من الله {إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم} يعني النبي وأصحابه. وإنما خاطبهم جميعاً وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يتولى عقد العهود لأنهم أتباعه وأعوانه، وهم معه في كل شيء من حَلّ وعقد، فكل حلّ وعقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم فهم أصحابه وأعوانه وأتباعه، فهم معه فيه؛ ولذا قال: {إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ} الكفار الذين يعبدون الأصنام ويشركون بالله (جل وعلا).
والتحقيق: أن هذه ما نزلت إلا في غزوة تبوك، وما زعمه ابن إسحاق ومقاتل وغيرهما من أن صدر هذه السورة نزل قبل عام الفتح، بعد نقض قريش وبني بكر لمعاهدة صلح الحديبية؛ فهو خلاف الظاهر، مع أنه قال به ابن إسحاق ومقاتل وغيرهما (?). قالوا: كان أول هذه السورة نزل قبل هذا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما عقد صلح الحديبية بينه وبين كفار قريش بواسطة سهيل بن عمرو العامري (رضي الله عنه) كان خزاعة دخلوا في حلف النبي صلى الله عليه وسلم، ودخلت بنو بكر في حلف قريش، وكان ذلك الصلح دخلت فيه قبائل من بني