النبي صلى الله عليه وسلم النضر بن الحارث في رجوعه من بدر -كما أوضحنا قصته في أول هذه السورة الكريمة سورة الأنفال- قالت في شعرها، تقول (?):
ظَلَّتْ سُيوفُ بَنِي أَبِيهِ تَنُوشُهُ ... للهِ أَرْحَامٌ هُناكَ تشقَّقُ
فصرحت بأن مرادها بالأرحام بنو الأب، يعني مِنْ بَنِي عَمِّهِ وعَصَبَتِهِ. وهذا يجوز، ولكنه لا ينفي غَيْرَهُ مِنْ إِطْلاق ذوي الأرحام على جميع القَرَابَات (?). وهذه الآية ثبت في الصحيح وغيره -ولا يكاد يُخْتَلَفُ فِيهِ بَيْنَ العُلَمَاءِ- أنها نسخت للموارثة التي كانت تقع بالهجرة والمؤاخاة والحلف؛ لأنهم كانوا يتوارثون بالهجرة والمؤاخاة ولا يرث القريب من قريبه شيئاً إذا كان لم يهاجر، كما تقدم في قوله: {وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُواْ} [الأنفال: الآية 72] وأن الله نسخ ذلك بالقرابات، وأن المراد: {وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ} أي: أصحاب القرابات من قرابة الأب والأم، بعضهم أولى ببعض في الميراث؛ أي: من المهاجرين الذين آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينهم وبين الأنصار كما هو معروف، فنسخ الله ذلك الميراث أولاً بميراث القريب قريبه، والولي وليه.
{بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} أي: في الميراث.
{فِي كِتَابِ اللَّهِ} قال بعض العلماء: المراد بكتاب الله أي: في حكم الله وأمره الذي كلف به خلقه وألزمهم إياه، والعرب كل شيء