شأن الهجرة بصلح الحديبية، واتصل المسلمون بالكفار، وانتشر المسلمون في أقطار الجزيرة العربية، وهذا معنى قوله: {وَالَّذِينَ آمَنُواْ مِن بَعْدُ وَهَاجَرُواْ} [الأنفال: الآية 75] قبل فتح مكة وبعد صلح الحديبية، كما قاله بعض العلماء.

{فَأُوْلَئِكَ مِنكُمْ} معكم وينالهم الفضل العظيم، وإن كان شرف الأسبقية لا يناله من جاء بعدهم كما قال: {لاَ يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا} [الحديد: الآية 10].

{فَأُوْلَئِكَ مِنكُمْ} أي: هم من جملتكم وإن كان بعضكم أفضل من بعض.

ثم قال تعالى: {وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ} (أولوا الأرحام) معناه: أصحاب الأرحام، وهم ذوو القرابات. و (أولوا) اسم جمع لا واحد له من لفظه، هو يُعرب إعراب الجمع المذكر السالم، يرفع بالواو وينصب ويخفض بالياء، وهو من الأسماء الملازمة للإضافة. والأرحام: جمع رحم، والرحم مؤنثة، وشذ قوم هنا وقالوا: إن المراد بها أرحام العصبات خاصة، وممن نصر هذا القول: أبو عبد الله القُرْطُبِي في تفسيره (?). وهو ليس بصواب، وما استدلوا به في ذلك لا ينهض حجة؛ لأنهم قالوا: إن العرب كثيراً ما تُطلق الرحم على قرابة العصبات دون قرابات غيرهم، قالوا: تقول العرب: وصلتك رحم. يعنون به رحم العصبات لا غيرها. وقالت قتيلة بنت الحارث، أو بنت النضر بن الحارث في رجزها المشهور لما قتل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015