وقد يتبرأ منهم -لعنهم الله- كما سيأتي في خطبة الشيطان خطبته الفصيحة العظيمة الصادقة التي يخطبها في أوليائه يوم القيامة، التي نص الله عليها في سورة إبراهيم الخليل؛ لأنه إذا اجتمعت الخلائق ورأى الكفار {وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفاً} [الكهف: الآية 53] جاءوا لإبْلِيس اللعين وقالوا: أنت كنت سيدنا وكنا نطيعك، فإن كان عندك شيء اليوم فأت به. قال بعض العلماء: ينصب له منبر من نار (?) -والله أعلم- بمثل هذا.
ونصب المنبر له من النار شبه إسرائيليات، والخطبة صحيحة ذكرها الله في سورة إبراهيم الخليل، وهو قوله لهم: {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ} [إبراهيم: الآية 22] وهو صادق في كلامه هذا، وقد يصدق الكذوب، فعند ذلك يمقتون أنفسهم حيث اتبعوا هذا الخائن الغدار الغَرَّار، وعندما يمقتون أنفسهم في ذلك الوقت قال بعض العلماء: ينادون: {لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ} [غافر: الآية 10] ولذا قال تعالى: {فَلَمَّا تَرَاءتِ الْفِئَتَانِ} [الأنفال: الآية 48] تراءت: (تَفَاعَلَتْ) من (رأى) البصرية. أي: كان كل من الفئتين يرى الأخرى ببصره رأي العين كما تقدم في قوله: {يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ} [آل عمران: الآية 33] {تَرَاءتِ الْفِئَتَانِ} أي: فئة المسلمين وفئة الكفار، صار هؤلاء يرون هؤلاء عياناً بأعينهم، وهؤلاء كذلك. قال بعض العلماء: ونزل