بعض المصارف التي يصرف فيها المال قد تكون على صاحبها حسرة ثم يغلب، كما قال هنا: {فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ} [الأنفال: الآية 36] وبهذه النظرة أن تنظر في وجه اكتساب المال وفي وجه صرفه في مصرفه إذا عرضتها على ضوء القرآن، وما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم كفاك هذا من الفِكَر الهدامة، والمذاهب المفقرة الخسيسة -عليها وعلى من جاء بها لعائن الله- كنظرة الماركسيين، واللينيّين، وأتباعهم -دمرهم الله جميعًا- فإن هذا إذا عرضته على كتاب الله وجدت ذلك الذي يدعون إليه ويبنون عليه نحلتهم لا يجيزه الله ولا يرضاه، فاكتفيت شره بالكلية.

ثم بعد ذلك إذا عرضت وجه الاكتساب ووجه الصرف على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وعرفت أنه جائز؛ فالنظرة الثانية: هي تحقيق المناط وتطبيق هذا، فقد يكون هذا الوجه الاكتساب به حلالاً إلا أنه ما كل الناس يقدر على تحصيل هذا الوجه والاكتساب بهذه الطريق، فيُنظر له من يعرف ذلك بالخبرة الدنيوية ليقدر على تحصيل المال به في ضوء الشرع الكريم، وكذلك الصرف في المصارف يحتاج إلى من يقدر عليه؛ لأن بعض المصارف لا يقدر كل الناس أن يقوم به، ولا سيما ما يسمونه (المشاريع العامة) فإنه ما كل الناس يقدر على تنفيذها، فإن المشروع العام الذي عُرف أن الشرع يجيزه، وأن فيه مصلحة لجميع المسلمين، وأن ولي أمر المسلمين إذا بذل فيه من مال المسلمين كان ذلك البذل جائزًا، لعظم المصلحة العائدة لعامة المسلمين منه، فإنه يحتاج إلى خبراء دنيويين يعرفون كيف ينفذون ذلك الصرف على الوجه المطلوب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015