لهم يرتكبون المحرمات في تلك المعاملات، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ونحن نلم بشيء قد دلت عليه هذه الآية كأصول لهذا الأمر المهم؛ لأن هذه الآية والآيات غيرها من كتاب الله دلت على أن له أربعة أمور، إذا نظر الناس فيها وأتقنوها كان اقتصادهم على الوجه المطلوب؛ لأنا ذكرنا الآن أن جميع مسائل الاقتصاد وإن تشتتت وتشعبت راجعة في الحقيقة إلى أصلين لا ثالث لهما، هما: حسن النظر في اكتساب المال، وحسن النظر بعد أن يحصل المال في صرفه في مصارفه. وهذان الركنان لا بد لكل منهما من نظرتين مختلفتين، فتكون أربعًا من ضرب اثنين في اثنين، والنظرتان المختلفتان لا بد منهما لكل من الركنين.
أما أحدهما: فهو معرفة حكم الله (جل وعلا) في نوع ذلك الاكتساب، وفي نوع ذلك الصرف؛ لأن الله (جل وعلا) خلق الإنسان محتاجًا للنساء، ومفتقرًا للغذاء، وخلق له ما في الأرض جميعًا، ولم يتركه سدىً يتصرف فيه باختياره، بل التصرف لا بد أن يكون بإذن مالك الملك، خالق هذا الكون (جل وعلا)، فالنظرة الأولى إذا أردت أن تكتسب مالاً بوجه من أوجه الاكتساب، أو تصرف مالاً في وجه من أوجه الصرف أن تعرض هذا الاكتساب أو هذا الصرف على ضوء هذا المحكم المنزل، ونور هذا الوحي الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، فتنظر أيجيزه أو يمنعه؟ فإن عرفت أنه يمنعه تركته؛ لأن خالق هذا الكون المشرع لهم ما جعل عليهم تضييقًا في التشريع، وما شرع لهم إلا ما فيه السعة الكاملة لهم تكفيهم كل مهماتهم، وإذا نظرت في حكم الله، في طرق الاكتساب، وفي حكم الله في صرف المال؛ لأن