أصبحوا بالأبواء فنحر لهم منبه ونبيه ابنا الحجاج السهميان المشهوران الذين هم ممن قُتلوا يوم بدر، ثم نحر لهم العباس بن عبد المطلب (رضي الله عنه)، ونحر لهم أبو البختري بن هشام عشرًا على ماء بدر، فهذه الإبل التي ينحرون ينفقونها ليصدوا عن سبيل الله.
وقال بعض العلماء (?): نزلت في أبي سفيان بن حرب، أنفق أربعين أوقية على جماعة من الأحابيش -والأحابيش: جمع أُحبوش، وهم جماعة متجمعون ساكنون في ظواهر مكة، أنفق عليهم- أربعين أُوقية ليذهب معه جماعة منهم إلى أُحُد.
والذي عليه جمهور العلماء من المفسرين وأصحاب المغازي والتاريخ: أن هذه الآية من سورة الأنفال: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ} [الأنفال: الآية 36] نزلت في قضية قريش مع عير أبي سفيان؛ لأن عير أبي سفيان لما نجت وقُتل من قُتل من أشرافهم يوم بدر اجتمع أشراف قريش وطلبوا كل من كانت له تجارة في تلك العير أن يمنحهم ذلك المال ليستعينوا به ويستعدوا على حرب النبي صلى الله عليه وسلم طالبين منهم إدراك الثأر، فكانت إمكانيات أُحد هي من أموال تجارات تلك العير، وأن ذلك هو معنى إنفاقهم ليصدوا عن سبيل الله. هذا هو الأصوب إن شاء الله، وعليه جماهير العلماء.
{يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ} كإنفاقهم أرباح تجارة عير أبي سفيان ليحاربوا بها النبي صلى الله عليه وسلم، ليصدوا الناس عن سبيل الله، في زعمهم أنهم يأخذون ثأرهم من محمد صلى الله عليه وسلم فَيُضْعِفُون الإسلام ويُقَوُّون الكفر.