المُثبت له في قوله: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} هو الهدى بمعناه العام، وهو البيان والإيضاح. وقد بين صلى الله عليه وسلم هذه المحَجَّة البيضاء حتى تركها ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، صلوات الله وسلامه عليه.

أما الهدى المنفي عنه في قوله: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [القصص: آية 56] فهو التفضل بالتوفيق وسعادة المرء؛ لأن هذا بيد الله وحده {وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شيئًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ} الآية [المائدة: آية 41] .. {إِن تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي مَن يُضِلُّ} [النحل: آية 37] في القراءة الأُخرى (?): {لا يُهْدَى من يُضِل} أي: لا يُهْدى أحد أضله الله.

إلى غير ذلك من الآيات؛ ولذا قال في آية في هدى القرآن العام: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة: آية 185] وقال في هداه الخاص: {هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} [البقرة: آية 2] وبهذا تعلم أن هداه المخصوص بالمتقين في قوله: {هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} والمخصوص بالمؤمنين كقوله هنا في آية الأعراف هذه: {هَذَا بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: آية 203]، أن المخصوص بالمؤمنين هو الهدى الخاص، وهو توفيق الله (جل وعلا) لهم وتيسيره لهم إلى الأعمال التي ترضيه؛ ولذا كان القرآن العظيم لمن وفقه الله هدى بهذا المعنى، وكان حجة على غيره -والعياذ بالله- يدخله الله بها النار، كما بينه تعالى في آيات كثيرة كقوله: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء وَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015