لا يبصرون {يَمُدُّونَهُمْ} يمدهم الشياطين. فالإخوان الأولون من الإنس. وقوله: {يَمُدُّونَهُمْ} يعني: تمدهم الشياطين. {وَإِخْوَانُهُمْ} الآخرين من عتاة الإنس {يَمُدُّونَهُمْ} أي: تمدهم الشياطين. هذا الذي ذكره غير واحد، أن المراد بالإخوان: العتاة من الآدميين، والذين يمدونهم: هم إخوانهم من الشياطين.
وقال بعض العلماء: إن الإخوان الأولين: الشياطين يمدون إخوانهم من عتاة الإنس. وعلى كل الأحوال فالمعنى: أن المتمردين من بني آدم، العصاة والكفرة لهم إخوان من الشياطين يمدونهم في الغي. {يَمُدُّونَهُمْ} معناه يكونون لهم مددًا في الغي، ويزيدونهم فيه، فيزيدونهم طغيانًا إلى طغيانهم، وكفرًا إلى كفرهم بما يزينون لهم من الكفر والمعاصي ويعينونهم عليه.
{ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ} [الأعراف: آية 202]، أي: لا يقصر الشياطين الذين يمدون عتاة الإنس لا يقصرون في ذلك أبدًا؛ لأن الشيطان لا يحصل منه تقصير البتة في فعل السوء، فهو طبيعته مُتَمَادٍ فيه أبدًا. والعرب تقول: أقْصَرَ عَنِ الأمْرِ يُقْصِرُ: إذا كَفَّ ونَزَع عنه وقلَّلَ منه، وهو معروف في كلام العرب، ومنه قول امرئ القيس (?):
سَمَا بك شوقٌ بَعْدَ ما كَانَ أَقْصَرَا ... وَحَلَّتْ سُليمَى بَطْنَ قَوٍّ فعَرْعَرَا
ومعنى الآية بالإجمال: أن المؤمنين المتقين إذا أصابتهم لَمَّة من الشيطان ونزغ منه فوسوس لهم ليحملهم على المعاصي، أو