لا هادي له. وهذا معنى قوله: {مَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلاَ هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (186)}.
في هذا الحرف ثلاث قراءات سَبْعِيَّة متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم كلها صحيح لا نزاع فيها (?): قرأه نافع وابن كثير وابن عامر: {وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} (بالنون) وصيغة الجمع يُراد بها التعظيم، عظَّم الله نفسه. وقرأه من السبعة: أبو عمرو، وعاصم في رواية حفص وشعبة: {وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} بياء الغيبة وضمّ الراء. وقرأه حمزة، والكسائي من الكوفيين: {ويَذَرْهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}.
وهذ الفعل المضارع معطوف على جزاء الشرط الذي هو قوله: {فَلاَ هَادِيَ لَهُ} والمقرَّر في علم العربيَّة -كما هو مشهور في العربية- أنّ كل فعل عُطف على جزاء الشرط بفاء أو واو ففيه ثلاث لغات (?): يجوز فيه: الرفع، ويجوز فيه: الجزم، ويجوز فيه: النصب. فكلّه جائز، ولغات عربيّة معروفة، وقراءات صحيحة معروفة؛ لأنّ {فَلاَ هَادِيَ لَهُ} جزاء الشرط، وجزاء الشرط في محل جزم، فقراءة حمزة والكسائي جزموا {ويذرْهم} لأنه معطوف على جزاء الشرط وأصله مجزوم؛ والذين رفعوه لغة فصيحة وقراءة صحيحة (?). وأما النصب: فهو لغة فصيحة، ولكنّه لم يقرأ به أحد من السبعة مع أنه لغة.
و (الطغيان) في لغة العرب (?): مجاوزة الحدّ؛ وهو مصدر: