{وَأُمْلِي لَهُمْ}، وقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري (رضي الله عنه) أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله ليملي للظالم» يعني: يمهله ويؤخره ملاوة من الزمن «حتى إذا أخذه لم يفلته» ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102)} (?) [هود: آية 102].

قوله: {إِنَّ كَيْدِي} الكيد: في لغة العرب معناه: المكر، وهو أن يكون الفاعل يبطن غير ما يظهر، وسمى الله هذا الاستدراج كيدًا لأن ظاهره إنعام وإغداق نعم وباطنه استدراج يستدنيهم به ويستدرجهم إلى الموت والعذاب الدائم الذي يخلدون فيه، ولذا قال: {إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} أي: استدراجي لهم بالنعم التي تبطرهم وتزيدهم غفلة وبطرًا وتكبرًا عن قبول آيات الله، حتى يهلكوا وهم في أشد حالة من الحالات كفرًا؛ هذا الكيد كيد الله (جل وعلا) ووصفه بأنه متين، والمتين من كل شيء: القوي الشديد القوة، وكيد الله (جل وعلا): متين، وكيد الله (جل وعلا) من أحسن ما يكون، واقع موقعه، تصرف حكيم خبير، حيث أغدق النعم على هذا الكافر فغفل فأخذه في غرّة وغفلة، وعامله بما يستحقه من كفره، وهذا معنى قوله: {وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (183)}.

{أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُواْ مَا بِصَاحِبِهِم مِّن جِنَّةٍ} [الأعراف: آية 184] قد تكلمنا مرارًا على الواو والفاء وثم إذا جاءت بعد همزة الاستفهام (?) {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُواْ} يعني: يُعملوا أفكارهم، التفكر: هو أنْ يُعمل الإنسان فكره حتى يدرك حقيقة الشيء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015