بطرًا وغفلة حتى يهلكهم الله وهم في أشدّ الغفلة.

{مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ} وقد قدمنا (?) أنّ (حيث) كلمة تدل على المكان كما تدل (حين) على الزمان، وربما ضُمِّنت معنى الشرط، يجوز في اللغة لا في القراءة تثليث فائها وإبدال (يائها) واوًا كما هو معروف في محلِّه.

{مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ} أي: من المكان الذي لا يعلمون أنّا سنستدرجهم، بل هم يظنون أن تلك النعم مسابقة لهم في الخيرات، وأنهم ينالون بعد ذلك أحسن منه، كما قال جل وعلا: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ (55) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لاَ يَشْعُرُونَ (56)} [المؤمنون: الآيتان 55، 56].

ثم قال جل وعلا: {وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (183)} [الأعراف: آية 183] عبّر في الفعل الأول بصيغة الجمع للتعظيم قال: {سَنَسْتَدْرِجُهُم} وعبّر في الثاني بهمزة المتكلم {وَأُمْلِي لَهُمْ} ومعنى قوله جل وعلا: {وَأُمْلِي لَهُمْ} أي: سأملي لهم، وأصل مادة (أملى): وأملى يملي أصلها من (المَلاَوَة) بالواو، فلام المادة: واو. والمَلاَوَة: الزمن. ومعنى {وَأُمْلِي لَهُمْ}: أُؤَخِّرهم وأمهلهم مَلاَوَة، أي: زمنًا غير قليل كما هو معروف، فالعرب تقول: «أمليت له» و «أملى له»: إذا أخَّره مَلاَوَة من الزمن، فأصل الياء مبدلة من واو، والمَلاَوَة: هي الزمن، ومنه قوله تعالى عن أبي إبراهيم: {وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا} [مريم: آية 46] أصل إحدى الياءين واو. أي: زمنًا غير قصير. وهو معنى معروف في كلام العرب، ومنه قول المهلهل يرثي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015