قَدْ نُخْضِبُ العِيرَ من مَكنُونِ فَائِلِهِ ... وقد يَشِيطُ على أَرْمَاحِنَا البَطَلُ

أي: يهلك. وهذا معنى قوله: {فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ} [الأعراف: آية 175].

الظاهر أن (كان) هنا بمعنى (صار) وقد تَقَرَّرَ في علم العربية: أن (كان) تطلق ويراد بها صار. ومعنى قوله: {فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ} صار من الكافرين. وإطلاق (كان) بمعنى (صار) إطلاق معروف في كلام العرب، ومنه قول الشاعر (?):

بتَيْهَاءَ قَفْرٍ والمُطي كأنَّها ... قَطَا الحَزْنِ قد كانت فِرَاخًا بُيوضُهَا

يعني: قد صارت فراخًا بيوضها. و {الْغَاوِينَ} جمع الغاوي، والغاوي: صاحب الغي، والغي: الضلال (والعياذ بالله) فكان من الضالين أشد الضلال.

ثم قال تعالى: {وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا} [الأعراف: آية 176] القاعدة المقررة في علم العربية: أن فعل المشيئة إذا قُرن بالشرط حذف مفعوله؛ لأن جزاء الشرط يغني عن المفعول، فالمفعول محذوف، والأصل: ولو شئنا رفعه بها لرفعناه بها. ولا تكاد العرب تنطق بالمفعول -مفعول فعل الإرادة مع ربطه بالجزاء- وقد يذكر نادرًا، وجاء ذكر المفعول في مواضع من القرآن مع أنه مصدر منسبك من (أن) وصلتها في آيات غير كثيرة، كقوله جل وعلا: {لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لاَصْطَفَى} [الزمر: آية 4] فجملة {أَنْ يَتَّخِذَ} في محل مفعول (أراد) ولم يَكْتَف هنا بجزاء الشرط، ونحو ذلك من الآيات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015