{يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأدْنَى} والعياذ بالله إذا عرض لهم عرض من حطام الدنيا. العَرَض: المراد به الشيء الزائل؛ لأنه عارض زائل مُضْمَحِل.
وقوله: {هَذَا الأدْنَى} إشارة إلى متاع الدنيا وحطامها الزائل القليل الذي لا جدوى فيه {يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأدْنَى} يستعيضونه عما في كتاب الله؛ لأنهم يأكلون الرُّشَا ويغيرون الأحكام.
وبعض العلماء يقول: الخَلْف المذكورون هم اليهود الذين كانوا موجودين في زمن مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، عندهم التوراة فيها صفات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخذ العهود والمواثيق عليهم باتباعه فكتموه وغيّروا صفاته وبدّلوها، حتى إنهم يجدون في التوراة عندهم أنه (رَبْعَة) يعني: متوسط القامة، فيكتبون: طويلاً مُشذّبًا. وكل وصف يحرّفونه ويغيرونه، يأخذون قراطيس يكتبونها عندهم محرفة كما تقدّم في الأنعام في قوله: {تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا} [الأنعام: آية 91] يقولون: إنهم كان إذا تخاصم إليهم اثنان وأعطاهم صاحب الحق رشوة حكموا له بكتاب الله التوارة، فإذا أعطاهم المُبْطِل الرشوة تركوا التوراة وجاءوا بالكتب التي كتبوها بأيديهم، التي قال الله عنها: {فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللَّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ (79)} [البقرة: آية 79] يأتون بالكتاب الذي كتبوه ويحكمون له به بدل الرشوة. ومما ذكر العلماء أنهم كتموا صفة النبي صلى الله عليه وسلم لعرض زائل مِنْ أعْرَاضِ الدّنْيَا؛ لأنهم كانوا يأكلون بالرئاسة الدينية، فلما بُعث محمد صلى الله عليه وسلم لو أخبروا بأنه نبي الله لزالت عنهم الرئاسة الدينية فضاع المأكل الذي كانوا