الأمرِ الظفرُ والنجاحُ والعاقبةُ المحمودةُ؛ فإن هذا يُهَوِّنُ ويُسهِّلُ المصيبةَ على ذلك الْمُبْتَلَى. وقد نَصَّ اللَّهُ في أخرياتِ سورةِ هود على أنه يَقُصُّ على النبيِّ أخبارَ الرسلِ؛ لِيُهَوِّنَ عليه وَيُثَبِّتَ قلبَه، وذلك في قوله: {وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ} [هود: آية 120] يقولُ له: {مَا يُقَالُ لَكَ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ} [فصلت: آية 43] هذا الذي لَقِيَكَ به قومُكَ لقي الرسل من قِبَل قومهم بمثلِه وأشدَّ، فَاصْبِرْ كما صَبَرُوا، فستكونُ لكَ العاقبةُ الحميدةُ كما كانت لهم. وفي هذا أعظمُ بشارةٍ وأكرمُ تسليةٍ له - صلى الله عليه وسلم -. واللامُ في (لقد) موطئةُ قسمٍ محذوفٍ. وَاللَّهِ لقد كُذِّبَتْ رسلٌ من قبلك، هؤلاء الرسلُ الذين كُذبوا من قبلك منهم مَنْ جاءَ مُفَصَّلاً في هذا القرآنِ العظيمِ، كقولِ قومِ نوحٍ لنوحٍ: {مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَرًا مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا} [هود: آية 27] وقولُهم له: {يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [هود: آية 32]، وقد سَخِرُوا منه كما قال: {إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ} [هود: آية 38]، والمفسرون يقولون (?): سُخْرِيَتُهُمْ منه التي ذَكَرَهَا اللَّهُ أنه لَمَّا أرادَ أن يصنعَ السفينةَ [وَتَعَلَّمَ] (?) النجارةَ صَارُوا يضحكون، ويقولون: بعدَ أن كنتَ نَبِيًّا صِرْتَ [نَجَّارًا، وهكذا عادٌ قالوا لهودٍ، وثمودُ] (?)
قالوا لصالحٍ!! قالوا لنبيِّ اللَّهِ هود: {يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ} [هود: آية 53]، وقالوا لِصَالِحٍ: {يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا} [هود: آية 62] يعني: وَأَمَّا إذا