فيخسرونَ ما كانوا يأخذونَه من أموالِ الناس ظُلْمًا. هذا من خسرانِهم المزعومِ.

وهذه الآيةُ تُبَيِّنُ أن الكافرَ الضالَّ يدّعِي بكفرِه وضلالِه أنه هو عَيْنُ الْهُدَى، وأن الْهُدَى هو الخسرانُ والضلالُ كما كنا نُبَيِّنُهُ في آيةِ: {وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا} [الأعراف: آية 85] وهذا معنَى قولِه: {وَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَّخَاسِرُونَ (90)}.

{فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ} [الأعراف: آية 91] الفاءُ سببيةٌ، وقد تَقَرَّرَ في علمِ الأصولِ في مبحثِ مسلكِ الإيماءِ والتنبيهِ، وفي مبحثِ النصِّ والظاهرِ (?) أن الفاءَ تُذْكَرُ في التعليلِ لدلالتِها على السببيةِ، كقولِه: «سَهَى صلى الله عليه وسلم فَسَجَدَ» أي: لِعِلَّةِ سَهْوِهِ. «سَرَقَ السَّارِقُ فَقُطِعَتْ يَدُهُ». أي: لِعِلَّةِ سرقتِه قالوا: {لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا} أي: {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ} أي: بسببِ كفرِهم وإلحادِهم.

وقولُه: {لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَّخَاسِرُونَ (90) فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ} الرجفةُ: معناه الزلزلةُ القويةُ التي تُؤَدِّي إلى تحريكٍ قَوِيٍّ عنيفٍ، فكلُّ مَا تَحَرَّكَ تحريكًا قويًّا عنيفًا فقد رَجَفَ، فالرجفةُ زلزلةٌ قويةٌ حَرَّكَتِ الأرضَ مِنْ تَحْتِهِمْ حتى اهتزت بهم هَزًّا عنيفًا أَدَّى إلى موتِهم. وهذا معروفٌ في كلامِ العربِ، ومنه: زلزلةُ القيامةِ لزلزلتِها الأرضَ وتحريكِها إياها تحريكًا عنيفًا {يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ (6) تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ (7)} [النازعات: الآيتان 6، 7] فهو معنًى معروفٌ في كلامِ العربِ مشهورٌ، ومنه قولُ عنترةَ (?):

طور بواسطة نورين ميديا © 2015