قَدَّمْنَا الكلامَ على قولِه: {وَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ}.
وقولُه: {لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَّخَاسِرُونَ} ذَكَرَ هنا أَمْرَيْنِ كلاهما يحتاجُ] (?) إلى جوابٍ، أحدُهما الْقَسَمُ المدلولُ عليه باللامِ. والثاني: الشرطُ الذي من أدواتِه (إن) والقاعدةُ المقررةُ في علمِ العربيةِ أنه إذا اجْتَمَعَ قَسَمٌ وشرطٌ جِيءَ بجزاءِ السابقِ منهما، وَحُذِفَ جزاءُ الثاني؛ لدلالةِ جزاءِ الأولِ عليه (?). والسابقُ هنا الْقَسَمُ، وإذا كان الجوابُ هنا جوابَ الْقَسَمِ (?) لم يُقْرَنْ بالفاءِ كما هو معروفٌ في مَحَلِّهِ، وهو قولُه: {إِنَّكُمْ إِذًا لَّخَاسِرُونَ} [الأعراف: آية 90] أي: وقال الملأُ الذين كفروا من قومِ شعيبٍ، أي: لِمَنْ دُونَهُمْ: {لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا} وَاللَّهِ لئن اتبعتُم نبيَّ اللَّهِ شعيبًا {إِنَّكُمْ إِذًا لَّخَاسِرُونَ} التحقيقُ أن التنوينَ في قولِه: {إِذًا} أنه تنوينُ عِوَضٍ، والمعنَى: إن اتبعتموه خَسِرْتُمْ، ومعنَى خسرانِهم هنا: يزعمونَ أنهم عندَ ذلك يشترونَ الضلالةَ بِالْهُدَى زاعمينَ أن الهدى هو الكفرُ الذي كانوا عليه، وأن اتباعَ نَبِيِّ اللَّهِ ضلالٌ كما هو مذكورٌ في إفسادِ الأرضِ بعدَ إصلاحِها، وَمِنْ خُسْرَانِهِمُ المزعومِ: أنهم كانوا ينتفعونَ بأموالِ الناسِ إذا أَضَلُّوهُمْ وَبَخَسُوهُمْ أشياءَهم وَطَفَّفُوا لهم المكيالَ والميزانَ، ونبيُّ اللَّهِ شعيبٌ يُضَيِّقُ عليهم هذه المصالحَ الدنيويةَ