الآيةَ [التوبة: آية 47] وهذا كثيرٌ في كتابِ اللَّهِ كقولِه جل وعلا: {وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِم مِّنْ ضُرٍّ
لَّلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (75)} [المؤمنون: آية 75] هذا هو العلمُ المحيطُ بكلِّ شيءٍ في الجائزاتِ والمعدوماتِ والمستحيلاتِ، والمعدومُ الذي لا يُوجَدُ أن لو وُجِدَ كيف يكونُ، أما الخلقُ فإنهم لا يعلمونَ من العلومِ إلا ما عَلَّمَهُمْ خالقُ السماواتِ والأرضِ (جل وعلا). وسنوضحُ لكم ذلك بأمثلةٍ قرآنيةٍ:
فَمِمَّا لا يَخْفَى عليكم أن أَعْلَمَ المخلوقاتِ وأفضلَهم الملائكةُ والرسلُ عليهم جميعًا صلاةُ اللَّهِ وسلامُه، فالملائكةُ جميعًا - مع عِلْمِهِمْ - لَمَّا قال لهم اللَّهُ: {أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاَءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: آية 31] أَطْبَقُوا كلُّهم على جوابٍ واحدٍ: {قَالُوا سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32)} [البقرة: آية 32] فقولُهم: {لاَ عِلْمَ لَنَا} بُنِيَتِ النكرةُ مع (لا) وذلك لا يكونُ إلا في لاَ التي لنفيِ الجنسِ، فالملائكةُ نَفَوْا جِنْسَ العلمِ من أصلِه عنهم، ولم يَسْتَثْنُوا إلا ما عَلَّمَهُمُ اللَّهُ إياه.
وكذلك وقائعُ الرسلِ القرآنيةِ - صلواتُ اللَّهِ وسلامُه عليهم - هذا سيدُ الخلقِ، وأعلمُ الناسِ، وأفضلُ الرسلِ، سيدُنا محمدٌ (صلواتُ اللَّهِ وسلامُه عليه)، رُمِيَتْ أَحَبُّ أزواجِه إليه - أُمُّ المؤمنينَ عائشةُ - بأعظمِ فريةٍ وأكبرِ مُنْكَرٍ أنها فَعَلَتْهُ مع صفوانَ بنِ معطلٍ السلميِّ، وهو صَلَّى الله عليه وسلم لاَ يعلمُ ما قالوه عنها أَهُوَ حَقٌّ؟!! أم هو كَذِبٌ؟!! ولذا كان يقولُ: «كَيْفَ تِيكُمْ؟» وقالت (رضي الله عنها) إنها في ذلك المرضِ أيامَ قولِ الناسِ عليها مسألةَ الإفكِ قالت: فَقَدْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اللطفَ الذي كنتُ أعرفُه منه. وهي لا تَدْرِي ما قيلَ عنها.