السنةِ والجماعةِ ليس بشيءٍ (?)،
وَاللَّهُ يعلمُ المعدومَ الذي ليس بشيءٍ، فهو (جل وعلا) يعلمُ الموجوداتِ والمعدوماتِ والجائزاتِ والمستحيلاتِ، فإنه بإحاطةِ عِلْمِهِ ليعلمُ المعدومَ الذي سَبَقَ في سابقِ عِلْمِهِ أنه لا يوجدُ، وهو يعلمُ أن ذلك المعدومَ الذي لا يُوجَدُ أن لَوْ وُجِدَ كيف يكونُ، فهو يعلمُ مثلاً: أن أبا لَهَبٍ لَنْ يُؤْمِنَ، ومع ذلك يعلمُ لو آمَنَ أبو لهبٍ أيكونُ إيمانُه تَامًّا أو ناقصًا، كما لا يَخْفَى، وكونُه (جل وعلا) يعلمُ المعدومَ الذي لا يوجدُ أن لو وُجِدَ كيفَ يكونُ، دَلَّتْ عليه آياتٌ كثيرةٌ من كتابِ اللَّهِ، من الآياتِ الدالةِ على ذلك: أن الكفارَ يومَ القيامةِ إذا رَأَوُا النارَ، وَعَايَنُوا صدقَ ما جاءت به الرسلُ، وندموا وقد فَاتَتِ الْفُرْصَةُ نَدِمُوا حيث لا ينفعُ الندمُ، وَتَمَنَّوْا أن يُرَدُّوا إلى الدنيا مرةً أخرى ليُصدقوا الرسلَ، واللَّهُ يعلمُ أنه لا يَرُدُّهُمْ إلى الدنيا مرةً ثانيةً، فقد بَيَّنَ في سورةِ الأنعامِ أن هذا الردَّ الذي عَلِمَ أنه لا يكونُ، بَيَّنَ أنه لو كان لَعَلِمَ كيفَ يكونُ؛ وَلِذَا قال: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [الأنعام: آية 28] فهو يعلمُ أنهم لا يُرَدُّونَ ويعلمُ لو رُدُّوا ماذا يكونُ، كما صَرَّحَ بقولِه: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [لأنعام: آية 28] والمتخلفونَ عن غزوةِ تبوكَ لا يَحْضُرُونَهَا أبدًا؛ لأَنَّ اللَّهَ هو الذي ثَبَّطَهُمْ عنها بإرادتِه لحكمةٍ، كما بَيَّنَهُ بقولِه: {وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ (46)} [التوبة: آية 46] وهذا الخروجُ الذي لاَ يكونُ قد عَلِمَ (جل وعلا) أَنْ لو كان كيفَ يكونُ، كما صَرَّحَ به في قولِه: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً وَلأَوْضَعُوا خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ}