هذه هي القصةُ الرابعةُ من قِصَصِ الأنبياءِ الذين قَصَّ اللهُ علينا أخبارَهم مع أُمَمِهِمْ في هذه السورةِ الكريمةِ - سورةِ الأعرافِ - لِنَعْتَبِرَ بما فيها {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الأَلْبَابِ ... } [يوسف: آية 111] فَبَيَّنَ لنا أن قومَ نوحٍ كَذَّبُوهُ، وأنه أهلكهم بطوفانٍ أَغْرَقَهُمْ فَبَادُوا عن آخِرِهِمْ، وأن قومَ هودٍ كَذَّبُوهُ فأرسلَ عليهم الريحَ العقيمَ فَدَمَّرَتْهُمْ عن آخِرِهِمْ، وأن قومَ صالحٍ كذبوه فأخذتهم الصيحةُ فأصبحوا في دارهم جاثمين، ليس فيهم دَاعٍ ولا مُجِيبٌ، كأن اللَّهَ يقولُ: اعْلَمُوا مُعَامَلَتِي لِمَنْ عَصَانِي وَطَغَى وتكبر وعادَى رُسُلِي فإني سأهلُكه الإهلاكَ المستأصلَ، وأجعلُ مصيرَه إلى النارِ. وهم - والعياذُ بالله - مغضوبٌ عليهم في الدنيا، مغضوبٌ عليهم في الآخرةِ، ولأَجْلِ ذلك ثَبَتَ في الصحيحين من غيرِ وَجْهٍ (?) أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم في سفرِه في غزوةِ تبوكَ مَرَّ بأرضِ الحِجْرِ - وهي ديارُ ثمودَ - فَلَمَّا مَرَّ بها صلى الله عليه وسلم تَلَثَّمَ وَأَسْرَعَ السيرَ جِدًّا ليجاوزَ أرضَ الغضبِ بسرعةٍ، ونهى أصحابَه أن يشربوا من مياهها، وكان قومٌ منهم قد عَجَنُوا بمائها عجينًا، وقومٌ قد حَاسُوا منه حَيْسًا، فنهاهم أن يأكلوا العجينَ الذي عُجِنَ بماءِ تلك الأرضِ، وَنَهَاهُمْ عن أن يأكلوا الحيسَ الذي بُلَّ بماءِ تلك الأرضِ. وفي بعضِ رواياتِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015