هل وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا؟ فإني قد وجدتُ ما وَعَدَنِي رَبِّي حَقًّا. ووبخهم وقرعهم. ولما قال له عمرُ بنُ الخطابِ ما مضمونُه: كيفَ تُكَلِّمُ قومًا قد جَيَّفُوا، هم جِيَفٌ وأمواتٌ؟ قال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ مِنْهُمْ، وَلَكِنْ لاَ يُجِيبُونَ» (?).
فلا مانعَ من أن يكونَ توبيخُ صالحٍ لقومِه بعدَ الموتِ كتوبيخِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم للكفرةِ أصحابِ القليبِ يومَ بدرٍ، وهذا ظاهرُ القرآنِ؛ لأنه رَتَّبَ {فَتَوَلَّى} على قولِه: {فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ} {فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي} وَاللَّهِ لقد أبلغتُكم رسالةَ رَبِّي {وَنَصَحْتُ لَكُمْ} نُصْحًا خالصًا غيرَ مشوبٍ بغشٍّ بحقيقةٍ، حَذَّرْتُكُمْ نقَمَ اللهِ {وَلَكِنْ} ولكنكم والعياذُ باللهِ {لاَّ تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ} بل تكرهونَ مَنْ ينصح لكم وتعصونَ أَمْرَهُ، وإذًا فَقَدْ وجدتُم غِبَّ ذلك ونتيجتَه والعياذُ بالله.
يقول جل وعلا: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ (80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ (81) وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُم مِّنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (82) فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (83) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (84)} [الأعراف: الآيات 80، 84].