رَقَّ لأخوالِه وأصهارِه عادٍ، وَأَسَاءَتْهُ حالةُ وَفْدِهِمْ، ولم يَقْدِرْ أن يُبَيِّنَ لهم شيئًا لئلا يظنوا أنه مُسْتَثْقِلٌ بضيافتِهم، فاستشارَ قينتيه فَقَالَتَا: قُلْ شعرًا تنبههم به ونغنيهم بذلك الشعرِ لينتبهوا، وأن معاويةَ بنَ بكرٍ ابتدعَ الشعرَ المذكورَ المعروفَ الذي نَبَّهُهُمْ به، وأن الجرادتين [غنتاهم] (?) بذلك الشعرِ، [وأنهم لما غنتاهم] (?) الجرادتان به انتبهوا وذهبوا إلى بيتِ اللهِ الحرامِ فقام قَيْل يدعو عندَ البيتِ، ويزعمُ المؤرخونَ والمفسرونَ أنه طَلَعَتْ سَحَابَاتٌ، وناداه منادٍ: اخْتَرْ أيها شِئْتَ؟! وأنه اخْتَلَى السوداءَ، وأنه سَمِعَ فيها قائلاً يقولُ: اخْتَرتَ رمادًا رمددًا، لا يترك من عادٍ أحدًا، لا والدًا ولا ولدًا. وأن تلك السحابةَ ذَهَبَتْ إليهم وجاءت مِنْ قِبَلِ وادٍ لهم يسمونَه: المغيثَ، ففرحوا بها وقالوا: {هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا} [الأحقاف: آية 24] ويزعمُ المؤرخونَ أن منهم امرأةً تُسَمَّى: مميد (?)، أنها صُعِقَتْ، فلما أَفَاقَتْ قالوا: ما بَالُكِ؟ قالت: رأيتُ في العارضِ الذي تظنونه مطرًا شيئًا كالنارِ مَعَهُ رياحٌ، تَقُودُهُ رجالٌ، وفيه هلاكٌ. فأرسل اللهُ عليهم الريحَ العقيمَ، ما تذرُ من شيءٍ أَتَتْ عليه إلا جَعَلَتْهُ كالرميمِ، كما قال تعالى: {وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (6) سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (7)} [الحاقة: الآيتان 6، 7] إلى غيرِ ذلك من الآياتِ.

والشعرُ الذي اخترعَه معاويةُ بنُ بكرٍ وَنَبَّهَ به وفدَ العاديين هو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015