حُكْمٌ زِيدَتْ فيه صفاتٌ، ولم ينسخ ذبحُ البقرةِ بالكليةِ، بل بَقِيَ مُحْكَمًا، وإنما زِيدَتْ في البقرةِ صفاتٌ.

وأجابَ القائلون بأنه نسخٌ قالوا: زيادةُ هذه الصفاتِ تَضَمَّنَ نَسْخًا في الجملةِ؛ لأن مضمونَ النصِّ الأولِ يدلُّ على أن كلَّ بقرةٍ ذُبِحَتْ كائنةً ما كانت ولو مجردةً عن تلك الصفاتِ [أَجْزَأَتْ] (?)، فَوَصْفُهَا بالصفاتِ الآتيةِ الجديدةِ نَسَخَ الاجْتِزَاءَ بأي بقرةٍ كانت. وعلى كل حالٍ فهذه مسألةٌ أصوليةٌ هي- مثلاً -: هل يجوزُ النسخُ قبلَ التمكنِ من الفعلِ أو لا يجوزُ (?)؟ والجماهيرُ من العلماءِ على أنه جائزٌ وواقعٌ، ومن أمثلتِه: نَسْخُ خمسٍ وأربعينَ صلاةً ليلةَ الإسراءِ بعدَ أن فُرِضَتْ خمسين، ونُسِخَ منها خمسٌ [وأربعون] (?)، ثم أُقِرَّتْ خَمْسًا. ومن أمثلتِه قولُه (جل وعلا) في إبراهيمَ فى قصةِ ذبحِ إبراهيمَ لولدِه: {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} [الصافات: آية 107] لأنه أَمَرَهُ أن يذبحَ ولدَه، ونسخَ عنه هذا الأمرَ قبلَ التمكنِ من الفعلِ.

والتحقيقُ أن هذا جائزٌ وواقعٌ. ولا شكَّ أن فيه سؤالاً معروفًا، وهو أن يقولَ طالبُ العلمِ: إذا كان الحكمُ يُشْرَعُ وَيُنْسَخُ قبلَ العملِ فما الحكمةُ في تشريعِه الأولِ إذا كان يُنْسَخُ قبلَ أن يُعْمَلَ به؟

الجوابُ: أن التحقيقَ أن حِكْمَةِ التشريعِ منقسمةٌ قسمةً ثنائيةً،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015