النار الموجودة حتى يعلم أنه لا قدرة له على حرِّها، وأن حرّها أليم شديد، وأن تلك أحر منها بسبعين ضعفاً، وأنه يعمل على أن يتجنَّبَها ولا يصلاها؛ لأنه إذا عمل الأعمال التي تُورِدُهُ النار فهو ذاهِب العقل مضيع نفسه، موردها المهالك؛ إذ لا قدرة لأحد على حَرِّ النَّارِ، فاعلموا أيها الإخوان أنه لا قدرة لأجسامكم على النار، فاتقوا النار وأطيعوا الله، وأطيعوا رسوله صلى الله عليه وسلم واعملوا بما يرضيه، واحذروا من المعاصي والمنكرات التي تجركم إلى النار؛ لأنكم لا قدرة لكم على النار.

وإذا أردتم أن تعلموا أنه لا قدرة لكم على النار فليأت منكم أحد إلى كير شديد الوقود ثم يضع رجله أو يده فيه، هل له على ذلك طاقة {نَحْنُ جَعَلنَاهَا تَذكِرَةً} فاحذروا من النار، والحذر منها إنما هو ممكن في هذه الأيام التي أنتم فيها، فإذا انقضى الأجل المحدد ضاعت الفرصة، وأسفه الناس وأقلهم حلماً، وأرذلهم عقلاً هو من لا يَتَسَبَّب في أن يجانب حر النار ويقدم على النار، والذين يتجرءون قال الله فيهم: {فَمَآ أَصبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ} [البقرة: آية 175] لارتكابهم أسبابها -والعياذ بالله- فعلى المسلم العاقل أن يجتهد في إنقاذ نفسه من حر النار، وأن يعلم أنه لا طاقة له على النار فينظر في أوامر ربه فيمتثلها، وفي نواهيه فيجتنبها، ولا يغتر بالأساليب والشعارات الزَّائِفَة مِنْ تَقَدُّمٍ وحَضَارَة!! الذين يسمون أنفسهم (تقدميين) إذا ماتوا ووجدوا قبورهم تضطرم ناراً وخُلِّدوا في نار جهنم عرفوا في ذلك الوقت هل هم تقدميون أو متأخرون؟! بل هم والله متأخرون غاية التأخُّر، فالمتأخر هو الذي يهلك [نفسه] (?)، ولا يكون عنده ذهن ثاقب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015