أُطلقت الأمة في القرآن على الطائفة المجتمعة في دين أو نِحْلَة. وهذا أكثر إطلاقاتها، نحو: {كُلَّ مَا جَاء أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ} [المؤمنون: آية 44] {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً} [البقرة: آية 213] {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ} [الأعراف: آية 34].

وأُطلقت الأمة في آية من كتاب الله على الرجل المُقْتَدى به الذي هو إمام؛ لأن إبراهيم قال الله له: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً} [البقرة: آية 124] ولذا سمَّاه أمة في قوله: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لله}.

وأُطلقت الأمة في القرآن على البُرهة من الزمن، والقطعة من الدهر. ومنه بهذا المعنى قوله في أوّل سورة هود: {وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ} [هود: آية 8] إلى مدة معينة من الدهر. وقوله في سورة يوسف: {وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ} [يوسف: آية 45] أي: تذكَّر بعد برهة من الزمن.

وأُطلقت الأمة في القرآن - وهو كثير في كلام العرب - على نفس الشريعة والملة. وإطلاق الأمة على الدين والطريقة الذي هو الشريعة والملة متعدد جدّاً في القرآن، ومنه قوله تعالى عن الكفار: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ} [الزخرف: آية 23] أي: على مِلَّةٍ وشَرِيعَة ودين {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} [الأنبياء: آية 92] أي: دينكم وشريعتكم وملتكم طريقة واحدة، وهذا المعنى مشهور في كلام العرب، ومنه قول نابغة ذبيان (?):

حَلَفْتُ فلم أتْرك لنَفْسِكَ رِيْبَةً ... وَهَلْ يَأْثَمنْ ذُو أمَّةٍ وَهُوَ طَائِعُ؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015