ولكن البلاد التي تحكم بما أنزل الله، وتقطع يد السارق، وترجم الزاني المحصن، وتجلد الزاني تراها دائماً لأجل ذلك التشريع السماوي تقل فيها الجرائم الأخلاقية. ومعلوم أن هذه البلاد - التي هي وحدها التي بقيت في الدنيا تعلن أنها تحكم بما أنزل الله على ما كان منها - أنها أقل البلاد في الإحصائيات العامة جرائم وفضائح وعظائم ذنوب؛ لأجل التشريع السماوي. فتشريع رب العالمين هو التشريع الصحيح الذي يصون الأنفس، ويصون الأموال، ويصون الأعراض، ويصون العقول، ويصون الأنساب، إلى غير ذلك من المقومات الإنسانية. ومعلوم أنه ليس قصدنا أن نثني على أحدٍ كائناً ما كان، كل الناس يعرف ذلك، وإنما قصدنا أن نثني على دين الإسلام، ونبين محاسنه، وأن تشريع رب العالمين لا يدانيه غيره، ولا يماثله غيره، وأنَّ مَنْ حَكَّمَ شَرْعَ اللهِ كانت العدالة في بلاده أكثر، وكانت الطمأنينة أكثر، وكان الرخاء أكثر.

وهذه البلاد عليها - على ما كان منها - أن تحْمد نعم الله، فهي في رفاهية، وطمأنينة على الأنفس والأموال والأعراض لا تكاد توجد في بلد من بلاد الله، يعلم ذلك كل من سافر وذهب إلى البلاد الخارجية، وكل ذلك ليس إلا لأجل أنها تقطع يد السارق، وترجم الزاني، وتحكم بحدود الله.

قال تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ (34) يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (35) وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا أُوْلََئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (36) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى الله كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ أُوْلَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُم مِّنَ الْكِتَابِ حَتَّى إِذَا جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُواْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ الله قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015