يلطخ جميع الجسد، كعملية تطهيرية، وليرتدع أمثاله من الفجرة عن أموال الناس. وهذا تشريع سماوي، حكمته معروفة، يتوب الله على السارق ويطهره، ويزيل عنه الخبث الذي ارتكبه، والنجاسة التي تلطخ بها، ويحفظ أموال المجتمع؛ لأن المال شريان الحياة، إذا سُرِق قوت الرجل - جعل جميع ما عنده في صندوق، فجاءه سارق فسرقه - يصبح ذلك المسكين وأولاده الصغار وزوجته في جوع، إما أن يذهب فيتكفف الناس، وقد يفضل الشريف الموت على تكفف الناس. فهذا قد تفعله اليد الواحدة لآلاف الأيدي، وقد يُفقر عشرات الناس، ويضُرُّهُم. فَقَطْعُ هذا العضو النجس الخائن الخبيث ليطهر به بقية البدن، وينكف الناس، ويرتدع الفجرة تشريعٌ سماوي معقول.
ومن المُشَاهَد: أن هذه البلاد -نرجو الله أن يعصمها، ويحفظ القائمين عليها، ويوفقهم للخير، ويرزقهم بطانة الخير، ويذهب عنهم بطانة السوء - لما كانوا يقطعون يد السارق، ويقيمون حدود الله، كل الإحصائيات العالمية في جميع أقطار الدنيا لا توجد بلاد، أقل فيها ارتكاب الجرائم من السرقات ونحوها من أنواع الفجور مثل هذه البلاد، وكل ذلك بفضل الله (جلَّ وعلا) ثم بفضل تحكيم ذلك التشريع السماوي، فأمريكا -مثلاً- مع حضارتها لا يمكن أن تعدّ فيها جنايات السرقات، وجرائم الأخلاق وغيرها مما يزعمون أنهم في حضارة وتمدُّن، لما أهملوا تشاريع رب السماوات والأرض كثر فيهم الخبث، وكثرت الجنايات، وكثر ارتكاب الجرائم بحد لا يتصوَّر، ومن خرج من هذه البلاد يرى ذلك، ويعلم أنه ليس بآمن على نفسه ولا على ماله؛ لأنه لم تكن هنالك زواجر وروادع من رب العالمين -تعالى- تضع العدالة في الأرض، وتنشر الطمأنينة،