{خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الأعراف: آية 32] يوم القيامة إنما سُمِّي يوم القيامة؛ لأنه يوم يقوم فيه جميع الخلائق بين [يدي] (?) جبار السماوات والأرض للحساب، كما قال جلَّ وعلا: {ألاَ يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (6)} [المطففين: الآيات 4 - 6] فقوله: {يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} هو الذي سمي به يوم القيامة؛ لأنه يوم يقوم فيه الناس لرب العالمين.
ثم قال جلَّ وعلا: {كَذَلِكَ نفَصِّلُ الآيَاتِ} [الأعراف: آية 32] كهذا التفصيل الذي فصلنا لكم به الحلال والحرام، وبينا لكم به حرمة كشف العورات ولزوم سترها، وأخذ الزينة، وأنه لا يُحرِّم أحد ما أحَلَّهُ الله، كهذا البيان الواضح لهذه الأحكام نبيِّنُ الآيات دائماً في هذا القرآن {لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} والبيان عام، ولكنه خَصَّ به القوم الذين يعلمون لأن أهل العلم الذين يعلمون هم الذين يفهمون عن الله هذا البيان، أما الجهلة فلا يفهمون شيئاً، ومن لا ينتفع بالشيء فكأنه لم يتوجه إليه. ونظير هذا كثير في القرآن يخص الله به الحكم المُنْتَفِع به مع أن الحكم أصله عام (?) كقوله: {إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا (45)} [النازعات: آية 45] مع أنه في الحقيقة منذر الأسود والأحمر {إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ} [يس: آية 11] وهو منذر للأسود والأحمر {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ} [ق: آية 45] لأن الذي يخاف الوعيد هو المنتفع به مع أن التذكير بالقرآن عام. وهذا كثير في القرآن أن يخص الحكم بالمنتفع به دون غيره، وذلك هو معنى قوله: {كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}.