من هو الذي حرم عليكم هذه المحرمات والطيبات من الرزق؟ والله (جلَّ وعلا) يشدد النكير على من حرم ما لم يحرمه. والآيات الدالة على ذلك كثيرة كقوله: {قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ الله حَرَّمَ هَذَا فَإِن شَهِدُواْ فَلاَ تَشْهَدْ مَعَهُمْ} [الأنعام: آية 150] {قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَاماً وَحَلاَلاً قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ (59)} [يونس: آية 59] {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ (116)} [النحل: آية 116] والآيات بمثل هذا كثيرة جدّاً. فلما قال الله لنبيه: قل لهم يا نبي الله، لهؤلاء المُحَرِّمِين ما أحل الله، من هو الذي حَرَّمَ هذا؟ وعلم أنه لا جواب لهم، أمره بالجواب الصحيح، وهو قوله: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ الله الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} قل لهم يا نبي الله: هي ليست بحرامٍ أبداً، وليست بمحرمات ألبتة. هي للذين آمنوا حلال مباحة.

وقوله: {هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ} غير خالصة {فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} أي: غير مختصين بها بل يشاركهم فيها الكفار، ونصيب الكفار فيها كثير، كما قال تعالى: {وَلَوْلاَ أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِّن فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ (33) وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً وَسُرُراً عَلَيْهَا يَتَّكِؤُونَ (34) وَزُخْرُفاً وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} وفي القراءة الأخرى {لَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} (?) الآية [الزخرف: الآيات 33 - 35]. قال بعض العلماء: بَيَّنَتْ هَذِهِ الآية أن سَبَبَ خَلْقِ الزِّينَة والطيبات من الرِّزْقِ أن الله خَلَقَهَا في الدنيا لخصوص المؤمنين، إلا أنه رَزَقَ مِنْهَا الكفار تبعاً للمؤمنين؛ لأن الدُّنْيَا متاع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015