(رحمه الله) ما مضمونه ومعناه: أنه كان يقول: لولا آية من كتاب الله أشفقت على المجتهدين، وهي قوله تعالى: {وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ ... } الآية [الأنبياء: آية 78] (?)؛ لأن الله (جل وعلا) صَرَّحَ بأنهما حَكَمَا حيث قال: {إِذْ يَحْكُمَانِ} بألف الاثنين الواقعة على داود وسليمان ثم قال: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} ولم يذكر شيئاً عن داود، فَعَلِمْنَا أن داود لم يفهمها؛ لأنها لو فهمها الأب لما اقتصر على الابن، ولَمَا كان للاقتصار على سليمان فائدة مع أنهما فهماها، ولو كان هذا وحياً من الله لما فهمه أحدهما دون الآخر؛ لأن الوحي أمر لازم للجميع، فدل على أنهما اجتهدا، وأن داود لم يُصِبْ في اجتهاده، وأن سليمان أصاب في اجتهاده، فالله أثنى على كل منهما، ولم يؤنب داود، بل قال بعدها: {وَكُلّاً آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً} (?)

[الأنبياء: آية 79] وقد ثبت في الصحيحين ما يُستأنس به لهذا؛ لأنه قد ثبت في الصحيحين أن داود (عليه السلام) في زمنه جاءته امرأتان نُفستا، وجاء الذئب فاختطف ابن واحدة منهما، وكانت التي اختطف ولدها هي الكبرى، وبقي ولد الصغرى فقالت الكبرى: هذا ولدي، وتنازعتا، فتحاكمتا إلى داود، فقضى به للكبرى اجتهاداً منه، لأمارات ظهرت له، أو لشيء في شرعه يقتضي ظاهره ذلك الاجتهاد. فرجعتا إلى سليمان، فلما رجعتا إلى سليمان قال: كل واحدة منكما تدعيه!! هاتوا بالسكين أشقه بينهما نصفين، فأُعطي نصفه لهذه ونصفه لهذه. وكان أبو هريرة يقول: ما سمعت بالسكين إلا ذلك اليوم، ما كنا نقول لها إلا المُدْيَة. فلما قال إنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015