وهذا الإحياء للموجود يدل على قدرة قادر كاملة باهرة يقدر بها من اتصف بها على إحياء الموتى كما أحيا الأرض بعد موتها، وكما استدل (جل وعلا) بقياس الأولى على الأدنى، واستدل بأن من خلق السماوات والأرض لا يعجز عن خلق الإنسان الصغير الحقير بعد الموت، كما قال: {أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاء بَنَاهَا (27) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (28) وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (29)} الآية [النازعات: الآيات 27 - 29] وقال: {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ} [غافر: آية 57]، ومن قدر على خلق الأكبر فهو قادر على خلق الأصغر، وقال جل وعلا: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ الله الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى} [الأحقاف: آية 33] وقاس النشأة الأخرى على النشأة الأولى فقال: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى} [الواقعة: آية 62] والإيجاد الأول، فهلا قستم عليه النشأة الأخرى والإيجاد الأخير، وعلمتم أن مَنْ قَدَر على الأول قادر على الثاني، كما قال: {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ} [يس: آية 79] وأمثال هذا كثيرة جدّاً.
أما القياس الفاسد الذي بُني مخالفاً للنصوص كقياس إبليس لعنه الله، وكالأقيسة المخالفة للنصوص، وكأقيسة الشَّبَه المبنية على الفساد (?)، فإن الكفار جاءوا بقياس الشبه كثيراً باطلاً - ومِثْلُه باطل - كما قالوا في يوسف عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام: {إن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ} [يوسف: آية 77] فأثبتوا السرقة على أخي يوسف؛ لأن يوسف قد سرقَ قَبْلَهُ، قالوا: الأخ يشابه الأخ، فيلزم من مشابهتهما أن يكونا متشابهين في الأفعال، وأن هذا