لمستحقه. وأمثال هذا كثيرة. ومن أصرحها: ما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه رجل، كان الرجل أبيض، وامرأته بيضاء، وولدت له غلاماً أسود، فأصاب الرجل جَزَعٌ مِنْ سَوَادِ الغُلامِ، وظن أنها زَنَتْ بِرَجُلٍ أسْوَد وجاءت منه بهذا الولد، فجاء للنبي صلى الله عليه وسلم مُنْزَعِجاً وأَخْبَرَهُ أنها جاءت بولد أسْوَدَ، وكان يريد أن يلاعنها وينفي عنه الولد باللّعَانِ زَعْماً أن هذا الولد مِنْ زَانٍ أسود، وأنه ليس ولده؛ لأنه هو أبيض وزوجته بيضاء. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ؟» قال: نعم.

قال: «مَا أَلْوَانُهَا؟» قال: حمر الألوان. قال: «هَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَق؟» (والأورق المتصف بلون الوُرْقة، والوُرْقة لون كلون حمام الحرم، يعني: سواد يعلوه بياض يكون في الإبل) قال الرجل: إن فيها لوُرْقاً؟ قال: «وَمِنْ أَيْنَ جَاءَتْهَا تِلْك الوُرقة؟» آباؤها حمر وأمهاتها حمر، فمن أين جاءتها الوُرقة؟ قال: لعل عرقاً نزعها! قال له: «وهَذَا الوَلَدُ لَعَلَّ عِرْقاً نَزَعَهُ» (?). فاقتنع الأعرابي. وهذا إلحاق نظير بنظير، وبالجملة فنظير الحق حق، ونظير الباطل باطل، وهذا مما لا يُشك فيه، وأن القياس منه قياس صحيح لا شك فيه كالأمثلة التي ذكرنا، ومنه قياس فاسد، والقرآن ذكر بعض الأقيسة الفاسدة، وبعض الأقيسة الصحيحة، فمن الأقيسة الصحيحة في القرآن قوله تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ الله كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ (59)} [آل عمران: آية 59] كما اليهود قالوا: إن عيسى لا يمكن أن تَلِدَهُ مَرْيم إلا مِنْ رَجُلٍ زَنَى بها، وقالوا لها: {يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً (28)} [مريم: آية 28] وهذا الولد لا بد أن يكون له والد، وهذا الوالد رجل فَجَرْتِ معه وزنيتِ به. فالله (جل وعلا)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015