سَأَلْتُ رَبِيعَةَ مَنْ خَيْرُهَا ... أَباً ثُمَّ أُمّاً فَقَالُوا: لِمَهْ؟
لأن قوله: (من خيرها أباً ثم أمّاً) المعنى: من خيرها أباً وأمّاً؟ ولا ترتيب هنالك، وقول الآخر (?):
إِنَّ مَنْ سَادَ ثُمَّ سَادَ أَبُوهُ ... ثُمَّ قَدْ سَادَ قَبْلَ ذَلِكَ جَدُّهْ
لأن سيادة الأب وسيادة الجد قبل سيادة الابن، وقد عُطفت عليها بـ (ثم)، فتبين أن الترتيب في الذكر لا في الزمان. هكذا قال بعضهم، والأول أظهر. وهذا معنى قوله: {ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ} [الأعراف: آية 11].
هذا القول قاله الله معلَّقاً أولاً - بلا نزاع - قبل أن يخلق آدم؛ لأنا ذكرنا في سورة «ص» وسورة «الحجر» التصريح بذلك حيث قال في سورة الحجر: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ (28) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ (29)} [الحجر: الآيتان 28، 29] وقال في ص {إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِن طِينٍ} [ص: آية 71].
[4/أ] أمرهم بالسجود له، وهذا السجود / تعظيم لله (جل وعلا)؛ لأنه امتثال أمره، لا عبادة لآدم، ولا سجود إلا لأمر الله (جل وعلا)، والأمر إن كان ممتثلاً به أمر الله فالمطاع فيه الله، ونظيره أن ملَكَ الموت يقال له: اقبض روح محمد صلى الله عليه وسلم وسائر الأنبياء. فأي جريمة في الدنيا أعظم من قتل النبي صلى الله عليه وسلم ونزع روحه، وقتل الأنبياء والأولياء؟ لكن ملك الموت مأمور من الله، فهو مطيع في ذلك الفعل؛ لأنه إنما فعله بأمر الله.