وجودها إلى العدم فمعلوم أنه خسرها؛ ولذا قال: {خَسِرُواْ أَنفُسَهُم} [الأعراف: آية 9] وأصل الخسران في لغة العرب: هو نقصان مال التاجر، سواء كان نقصاً في ربح المال، أو نقصاً في رأس المال (?).
والخسران في اصطلاح الشرع: هو غبن الإنسان في حظوظه من ربه (جل وعلا)؛ لأن الإنسان إذا غُبن في حظوظه من ربه (جل وعلا) فقد خَسِرَ الخُسْرَان المبين، وقد أقسم الله (جل وعلا) - وهو أصدق من يقول - في سورة كريمة من كتابه - وكل سورة منه كريمة- ألا وهي (سورة العصر) أن الخسران لا ينجو منه إنسان كائناً ما كان إلا بأعمال معينة مبينة، وذلك في قوله: {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2)} {إِنَّ الْإِنسَانَ} معناه: إن كل إنسان كائناً من كان {لَفِي خُسْرٍ} {إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)} [العصر: الآيات 1 - 3] فهذا الخسران لا يُنجي منه شيء أبداً كما أقسم عليه رب السماوات والأرض إلا الإيمان والأعمال الصالحات، والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر، هذا الذي يُنجي من الخسران.
وقَدْ بَيَّنَّا في هذه الدروس مِرَاراً أن العلماء ضَرَبوا لهذا الخسران مثلين:
أحد ذينك المثلين: أن كل إنسان كائناً من كان أعطاه الله في دار الدنيا رأس مال، ورأس مال الإنسان هو جواهر نفيسة، وأعلاق عظيمة لا يماثلها شيء من الدنيا، فهي أعظم من كل اليواقيت، وأعظم من كل الجواهر، ولا يماثلها شيء في الدنيا أبداً. هذه