توضع فيه السيئات أن يخف، والحق إنما كان ثقيلاً في الميزان يوم القيامة؛ لأنه ثقيل على النفوس في دار الدنيا، والباطل إنما كان خفيفاً في الميزان يوم القيامة لخِفَّتِه على النفوس في دار الدنيا، وهذا الوزن التحقيق الذي عليه السلف أنه وزن حقيقي، بميزان حقيقي، له لسان وكفتان، ينظر إليه جميع الخلائق، توضع أعمال العبد في كفة، الحسنات في كفة، والسيئات في كفة، فإن ثقلت كفة الحسنات صار إلى الجنة، وإن خفت كفة الحسنات صار إلى النار.
واختلفوا في كيفية هذا الوزن على ثلاثة أقوال لا يكذب بعضها بعضاً (?)، وقال بعض العلماء: لا مانع من أن يقع جميعها فذهب أكثر المفسرين إلى أن الموزون هو صحائف الأعمال؛ لأن كل إنسان له كتاب وصحائف فيها عمله، كما قدمنا في قوله: {وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً (13) اقْرَأْ كَتَابَكَ} [الإسراء: الآيتان 13، 14] فهذا الكتاب متضمن جميع صحف عمله، وأن هذه الصحف يوضع ما كُتب منها فيه الحسنات في كفة، وما كتب فيه السيئات في كفة، وعلى هذا القول الأكثر، واستدلوا له بحديث البطاقة المشهور الذي أخرجه الترمذي وغيره (?) وصححه