وأصل الحق: الثابت الذي لا يضمَحِلّ، والمراد بالحق فيه أنه عدل ثابت لا جور فيه ولا حيف، فلا يُزاد في سيئات مسيئ، ولا يُنقص من حسنات مُحْسِن، فهو وزن في غاية الحق، وفي كمال العدالة والإنصاف، لا يُظلم صاحبه شيئاً (?)، ولكن قد يُزاد المحسن حسنات إلى حسناته: {إِنَّ الله لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةٌ يُضَاعِفْهَا} [النساء: آية 40] وفي القراءة الأخرى (?): {وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا}.
وهذا الوزن فيه أكبر واعظ وأعظم زاجر، يعني: يا عبادي ما دمتم في دار الدنيا فانتهزوا الفرصة، ولا يضع عليكم الوقت، واعلموا أن كل ما تقدمون وما تقولون وما تفعلون من خير سيوزن بميزان عدل حق قسط على رؤوس الأشهاد، لا يخيس شعيرة، فمن ثقلت موازينه بالحسنات فهو المفلح، ومن خفت موازينه بكثرة سيئاته وقلة حسناته فلا يلومن إلا نفسه.
واعلموا أن جماهير العلماء من عامة المسلمين، سلفهم وخلفهم، على أن هذا الوزن وزن حقيقي، وأنه يقع بميزان له لسان وكفتان (?)، توضع السيئات في كفة، والحسنات في كفة، فيثقل الله ما شاء منهما، فإن كانت حسناته أكثر ثقلت كفة الحسنات فصار إلى الجنة، وإن كانت سيئاته أكثر خفت موازينه لِقِلَّةِ حسناته وكثرة سيئاته، وحُقَّ لميزان توضع فيه الحسنات أن يثقل، وحُقَّ لميزان