هذا السؤال الهائل المخيف. وهذا معنى قوله: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ} يعني: بماذا أجابوا الرسل، وهل بلغتهم الرسل؟ {وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ} [الأعراف: آية 6] هل بلغوا الأمم؟ وماذا أجابتهم الأمم (?)؟

كقوله: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (65)} [القصص: آية 65] {يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ} [المائدة: آية 109] فعلى المؤمن أن يكون متبعاً لما أنزل الله ليكون جوابه عند هذا السؤال جواباً سديداً.

وقد قدمنا أن الأمم الكافرة إذا سُئل الرسل وقالوا: (قد بلغناهم) ينكر الأمم ويقولون: ما بلغونا ولا شيئاً، ولو بلغونا لأطعنا ربنا!! فيقول الرسل: والله لقد بلغناهم أكمل تبليغ وأتمه. فيقول الله للرسل - هو يسأل الجميع، وهو أعلم - ليُظهر براءة الرسل ونزاهتهم وأمانتهم، ويُظهر خيانة الكفرة وعنادهم وكفرهم، فيكون فضلاً لهؤلاء ونكالاً لهؤلاء، فإذا أنكر الكفار أن الرسل بلغوهم، وقيل للرسل: هل عندكم من شهداء؟ فيقولون: نعم، أمة محمد صلى الله عليه وسلم تشهد لنا، فيُدعى بنا -معاشر هذه الأمة الكريمة- فنشهد في ذلك الموقف العظيم للرسل الكرام بأنهم بلغوا ونصحوا وتحمَّلُوا الأذى، وبلغوا الدعوة على أكمل وجوه التبليغ، مع تحمّل الأذى على أكمل الوجوه، وأن الأمم الكافرة هي التي آذتهم وأهانتهم وطغت وتجَبَّرَتْ وتَكَبَّرَت عن قبول رسالات ربها.

فيقول الأمم: يا ربنا كيف تقبل علينا شهادة أمة محمد وهم وقت إرسال الرسل إلينا لم يبرزوا للوجود، فهم في ذلك الوقت معدومون؛ لأنهم آخر الأمم، وكيف يشهدون على شيء وقع قبل أن يكونوا في الوجود؟! فنُسأل عن ذلك،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015