وهذه الآيات فيها تخويف عظيم، وتهديد كبير من رب السماوات والأرض؛ لأنهم إذا تركوا العمل بما أنزل الله، وذهبوا يعملون بغير ما أنزل الله، فقد استحقوا العقوبة والهلاك، فهم مستحقون للعقوبة والهلاك، فعليهم أن يتبعوا ما أنزل الله، ويتركوا اتباع غير ما أنزل الله؛ ليسلموا بذلك من استحقاق عقوبات الله وإهلاكه العظيم؛ ولذا قال: {وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا} أي: إهلاكاً مستأصلاً لم يبق منها داع ولا مجيب {فَجَاءهَا بَأْسُنَا} أي: عذابنا وهلاكنا المستأصل. والبأس يطلق على كل نكال شديد (?)، والمراد به هنا: إهلاكهم وتدميرهم عن آخرهم.

وقوله: {بَيَاتاً} مصدر مُنكّر في موضع الحال (?)، أي: {فَجَاءهَا بَأْسُنَا} أي: جاء أهلَها بأسُنا في حال كونهم بائتين، أي: نائمين في الليل في بيوتهم، أو جاءهم بأسنا في حال كونهم وهم قائلون.

والتحقيق: أن الجملة الحالية إذا عُطفت بأداة عطف حُذف منها واو العطف لاستثقال تكرر أدوات العطف (?)، هذا هو التحقيق، ومناقشات النحويين في عدم حذفه كلها ساقطة. والحق الذي لا شك فيه أن الجملة الحالية إذا عُطفت على حَال بأداة عطف تُحذف منها واو الحال؛ لأن واو الحال تشبه أداة العطف، فَيُسْتَثْقَل إثباتها مع حرف العطف، ويكون الربط بالضمير؛ لأن ربط الجملة الحالية بالضمير يكفي عن ربطها بالواو.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015