وجملة {أَهْلَكْنَاهَا} خبره، على أجود الإعرابين. ويجوز أن تكون منصوبة على الاشتغال، منصوبة بـ (أهلكنا) مضمرة دلت عليها {أَهْلَكْنَاهَا} (?) على حد قوله: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49)} [القمر: آية 49] إلا أن الرفع هنا على الابتداء أجود؛ لأن ما لا تقدير فيه أولى مما فيه تقدير (?).
والقرية تطلق في اللغة العربية إطلاقين (?): تطلق على مطلق الأبنية من الحجارة والطين والأُسس والسقوف، وتطلق على أهل القرية التي هي عامرة بهم، دل القرآن على إطلاقها هذين الإطلاقين. والتخويف بإهلاك أهلها وإن كان نفس القرى والأبنية يدمره الله ويهلكه، إلا أن التخويف الشديد إنما هو بإهلاك أهلها، والمراد بالإهلاك: إهلاك أهلها؛ لأن الله قال بأن المراد الأهل، قال: {وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءهَا بَأْسُنَا بَيَاتاً أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ (4)} فقوله: {هُمْ قَآئِلُونَ} يدل على أن المراد هو السكان؛ لأن نفس الأبنية لا يقال فيها: {هُمْ قَآئِلُونَ} فلا بد هنا من تقدير: (أهل القرية) على كل حال (?)؛ لأن الله قال: {أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ (4)} فقال بعضهم: يقدر في قوله: {وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا} أي: أهلكنا أهلها {فَجَاءهَا} أي: القرية، والمراد: أهلها {بَأْسُنَا بَيَاتاً} بدليل قوله: {أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ}. وقال بعض العلماء: لا حاجة إلى تقدير (الأهل) في الأول: {وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا} أي: دمرنا أبنيتها وجعلناها خاوية