ومن تدبر آيات القرآن وَجَدَ القرآن العظيم يدعو إلى كل تقدم حيوي في جميع ميادين الحياة، إلا أنه يدعو الخلق إلى أن يطيعوا خالقهم، ويسترشدوا بإرشاد خالق السماوات والأرض، ليدلهم على ما يصلحهم في دينهم ودنياهم، ومعاشهم، ومعادهم، سبحانه (جل وعلا) ما أحكمه! وما أجهل من خالف تعاليمه! إلا أن الذي يذهب عن نور القرآن هو في الحقيقة كالخفاش، وأنتم تعلمون أن الخفاش لا يكاد ينتفع بنور الشمس؛ لأن نور الشمس لا ينتفع به إلا من أعطاه الله بصيرة، أما الخفافيش الذين سلب الله بصائرهم لا يكادون ينتفعون بنور الشمس، فإذا انتشرت أنوار الشمس، وانتشر العالم في ضوء سبيل لا ينفق الإنسان فيه على كهرباء، ولا على زيت، ولا فتيلة، فنور رب العالمين سبيل مبذول للأسود والأحمر، فالخفاش في ذلك الوقت لا ينتفع بهذا النور، فإذا كان الظلام خرج من محله يطير ويفرح ويمرح؛ لأن الظلام هو الذي يلائمه!! فالقرآن العظيم إنما يلائم البصائر النيرة، والأرواح الكريمة، أما الأرواح الخنازيرية الخسيسة البهيمية فهي خفافيش البصائر، لا يلائمها إلا الظلام والنتن، كما أن الجُعَل لا يلائمه إلا النتن، وكما أن الخفاش لا يلائمه إلا الظلام.
خَفَافِيشُ أَعْمَاهَا النَّهَارُ بِضَوْئِهِ ... فَوَافَقَهَا قِطْعٌ مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمُ (?)
{يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ} [البقرة: آية 20] لأن القرآن أعظم نور، والخفافيش البصائرية يقضي عليها ويعميها زيادة {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء وَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى} [فصلت: آية 44] والعياذ بالله جل وعلا.